لماذا يرتدي المحامي الرداء الأسود؟
في مرافعة من مرافعات ابراهيم الهلباوي بك وبالتحديد في قضية مقتل بطرس غالي باشا عام 1910 وبعد أن ترافع في القضية عن المتهم وحالته العصبية ختم مرافعته قائلا:خدمت نحو الخمسة والعشرين عاما محاميا، ولم يخطر ببالي يوما أن أسأل أو أقرأ سبب اختيار الرداء الأسود حلة للمحامي الذي يتشرف بالدفاع بين يدي القضاء ولا سبب انتخاب اللون الأخضر للوسام الذي تزان به صدور من عهد إليهم إصدار الأحكام النهائية.
أما الآن وقد أبعدت عن قلبي هذه القضية كل راحة، وجعلتني مرآة لتلك القلوب المتفطرة كأم المتهم وشقيقه وباق أهله، قلت إن كان المختار هذه الألوان باللون الأسود رمز الحداد والمصائب للمحامي الذي يمثل القائم هو بالدفاع عنه، وباللون الأخضر الذي يتحلي به صدر القاضي، الرمز إلي الطاووس ذي الريش الأخضر وهو مثال ملائكة الرحمة، فنعم الإختيار.
كأننا نحن، هنا في هذه القاعة، أمام أولئك القضاة المشبهين بملائكة الرحمة علي سطح هذه الأرض، نقوم - علي نوع ما - بمأمورية شبيهة بمأمورية أولئك الأحبار في هياكلهم الذين اتخذوا مثلنا ثياب الحداد يتضرعون الحداد وهم يتضرعون إلي مبدع السموات والأرض بأن يفيض علي الأرواح الذاهبة إلي دار الخلود سحب رحمته وغفرانه.
ونحن نقول لكم إنكم تذكرون أنه ليس دائما بمقدور لهذا الإنسان الضعيف أن يحمي نفسه من الخطر والزلل، وأن يعيش معيشة الملائكة، فتقبلوا دعائنا في طلب الرحمة للأحياء كما يتقبلها من أقامكم حكما في عباده، والذي علمنا أنه كما أن من صفاته العدل فإن العدل من صفاته الرحمة. وعلمنا أن الرحمة فوق العدل.