بقلم: أحمد الجابري
ماجيستير في القانون
ضمانات عقوبة الإعدام في التشريع المصري.
على الرغم من قيام بعض الدول الغربية بإلغاء عقوبة الإعدام نظرًا لقساوتها
وما تؤدي إليه من إنهاء حياة الإنسان، وهى أغلى ما يملكه الإنسان، إلا أن المشرع المصري
وقف أمام تلك الحجج والمبررات التي ساقتها هذه الدول موقفًا جديًا ولم يلغي عقوبة الإعدام
كعقوبة جنائية توقع على بعض الجناة في أحوال معينة ومحدده.
ولم يكتفي المشرع المصري بذلك فقط، بل أورد بعض الضمانات لصدور وتنفيذ
عقوبة الإعدام حتى لا تكون وسيلة في أيدي القضاة يضربون بها على أيدي الجناة كيفما
يشاءون وفي أي وقت من الأوقات، فالسلطة المطلقة مفسدة مطلقة.
وتتلخص هذه الضمانات في الآتي:
وتتلخص هذه الضمانات في الآتي:
أولاً: إجماع آراء أعضاء المحكمة.
فالأصل أن الأحكام القضائية تصدر بأغلبية آراء أعضاء المحكمة، بمعنى أنهم
إذا كانوا ثلاثة فالحكم يكفي موافقة إثنان عليه، عدا حكم الإعدام لابد من موافقة جميع
أعضاء المحكمة أيًا كان عددهم، ويجب على رئيس المحكمة أن يبين ذلك في منطوق حكمه أنه
صدر بإجماع الآراء وإلا كان الحكم باطلاً ويجوز نقضه.
ثانياً:ضرورة أخد رأي المفتي.
لما كانت الشريعة الإسلامية المصدر الأساسي للتشريع وفقاً لنص المادة
٢ من الدستور المصري، فيجب قبل الحكم على المتهم بالإعدام إرسال أوراق القضية إلى فضيلة
المفتي لأخذ رأي الشريعة الإسلامية في القضية، لطمأنة قلب المتهم بأنه إرتكب فعل تأباه
الشريعة الإسلامية والقانون، ولكن رأي المفتي ليس ملزماً للمحكمة، أي أنه إذا تأخر
المفتي في الرد أو جاء الرد سلباً فالمحكمة ليست ملزمة ولا تنتظر إذا تأخر في الرد
ولها السلطة التقديرية في هذا الشأن.
ثالثاً: عرض القضية التي صدر فيها الحكم بالإعدام على محكمة النقض.
من المتعارف عليه أن أحكام محاكم الجنايات لا تستأنف بل تنظر على درجة
واحده، فلهذا أوجب القانون على النيابة العامة خلال ٤٠ يومًا من تاريخ صدور الحكم أن
تعرض القضية على محكمة النقض حتى تراقب مدى صحة الحكم من عدمه، فالقاضي ما هو إلا بشر
يخطئ ويصيب.
ويمثل هذا الأمر ضمانة في غاية الأهمية للمحكوم عليه، فمحكمة النقض بما
لدى قضاتها من خبره وباع طويل في العمل القضائي تستطيع أن تراجع الحكم مرة أخرى حتى
لا يكون المحكوم عليه حُرم من بعض الضمانات أو أن المحكمة خالفت القانون، وتنتهي حياة
الإنسان بلا سند أو مبرر.
رابعاً: ضرورة طلب كتابي من النائب العلن لتنفيذ عقوبة الإعدام.
تتولى النيابة العامة تنفيذ الجزاءات والأحكام الجنائية الصادرة بالإدانة،
فهي التي تحدد السجن وتودع المحكوم عليه فيه، وإستلزم القانون بشأن تنفيذ عقوبة الإعدام
صدور طلب كتابي لتنفيذ العقوبة من النائب العام وحده دون غيره لما له من خبره وعلم
ودراية ولخطورة وجلل الأمر.
خامساً: رفع أوراق القضية إلى رئيس الجمهورية قبل تنفيذ الحكم.
بعد صدور طلب كتابي من النائب العام تُعرض القضية خلال ١٤ يومًا على السيد رئيس الجمهورية، فهو الممثل عن الشعب والمجتمع.
ومن حق الشعب أن يسامح الجاني أو يخفف العقاب عليه أو ينفذ العقوبة المحكوم
بها، ولرئيس الجمهورية ممارسة هذا الحق وحده دون غيره فلا يجوز له تفويض غيره فيه.
بعد إستيفاء كل هذه الضمانات والإجراءات تنفذ عقوبة الإعدام شنقاً، لما
لهذا الأسلوب من رحمة ولين مقارنة بالأساليب الأخرى التي تنتهجها الدول الأخرى مثل
الكرسي الكهربائي.
وتنفذ عقوبة الإعدام داخل أسوار السجن في مكان مستور بحضور ممثل عن النيابة العامة ومأمور السجن وطبيب لتحديد حدوث الوفاة من عدمه وساعة الوفاة وممثل عن الدين الذي يعتنقه المحكوم عليه لتلقينه الشهادة.
ينفذ الحكم مرة واحده، فإذا تم التنفيذ ورغم ذلك لم يتوفى المحكوم عليه
فلا يجوز تنفيذ الحكم مرة أخرى، وأيضًا يمنع تنفيذ الحكم في الأعياد الرسمية مراعاة لشعور أقارب وأسرة
المحكوم عليه.
ولايجوز تأجيل تنفيذ عقوبة الإعدام إلا في حالة واحدة وهى إذا كانت المحكوم
عليها أنثى حبلى، فهنا يؤجل التنفيذ إلى ما بعد شهرين من وضعها، فالشخص لايحاسب إلا
عن جرم أقترفه وارتكبه والمولود هنا لا ذنب ولاجرم عليه فيوقف التنفيذ لحين الوضع.